في أيِّ عالمٍ نحيا؟ وفي أيِّ عوالمَ يحيا المجاهدون؟
ليتنا نستطيع النزوح عن أجسادنا والهجرة بأرواحنا إلى تلك العوالم النورانية التي يلفّها الطهر وتحفّها الملائكة، فنختلس النظر إلى الجنان التي تحيا فيها أرواح الشهداء، ونستقي من الجنان التي تفترشها قبورهم القليل من تلك الروحانية – ولو ذرة – ثم نعود إلى عالمنا وأجسادنا وسجانيها.
إذًا، أكان هذا سر الابتسامة وهو يصبو إلى المنية؟ قبل الرحيل، كان مستبشرًا، فرحًا، يضحك… لمَ لا؟ أوَليس في طريقه إلى الخلاص الأبدي؟ إلى النورانية والسعة اللامتناهية، إلى الحق، إلى العدل، وإلى الروحانية المطلقة التي تأسر الألباب، فلا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
متى نحلق في فضاء الروح؟ ربما حين نحرر أرواحنا المكبلة في سجن النفس والرغبات، حينها نتمكن من التحليق نحو فضاء واسع لا حدود له، ونصبح بلا محدودية، نلحق بركب التحرر في عالم اللا نهاية!
كم أتوق إلى تلك اللحظات حيث تتلاشى الحدود، وتذوب أغلال السجن، وتنمحي الجدران، فتنطلق روحي بخفة لا متناهية، لا يرهقها فكر بعده أبدًا! لن يهمها شيء مما سيحدث في هذه الدنيا الدنيئة… لن يعود لأي شيء معنى سوى أمر واحد؛ الله عز وجل، سيكون هو الغاية، في فضاء الخلود بجوار الأولياء والصالحين. وعندها نرى النورانية بعين اليقين.