عندما يتعرّى الغرب
في عام 2024، ومع هبوط الستار على مشاهد الإمبراطوريات الغربية المتخبطة، لم يتبق سوى فقاعات كبيرة من الكلام الفارغ والشعارات الرنانة التي طالما تغنّى بها الغرب الرأسمالي. هنا، على خشبة المسرح الدولي، يظهر الغرب كإمبراطور عارٍ يحاول تغطية خيبته بقطعة من ورق الجرائد تحمل شعار “حقوق الإنسان”. يا لسخرية القدر!
شحّ الطاقة… وموائد الغرب الجائعة
بُنيت إمبراطوريات الغرب على ظهر المستعمرات المنهوبة، حيث نُهبت خيرات الشعوب وامتلأت مخازنهم بالنفط والغاز والذهب وحتى أرواح البشر. لكن، في عام 2024، وبعد أن لفظت الأرض أنفاسها الأخيرة من بين أيديهم، وجدوا أنفسهم في سباق مجنون للبحث عن الطاقة. أوروبا تتسوّل الغاز من شرق المتوسط، وأمريكا تعيد فتح أبواب الفحم الذي كانت تتظاهر بالتخلي عنه باسم البيئة!
هل تعلمون أن الغرب الذي يحاضر علينا بأخلاقه “الرفيعة” لجأ في عام 2024 إلى حيل أشبه بحيل الأطفال الجائعين؟ سرقة موارد الطاقة، تفجير خطوط أنابيب الغاز، وافتعال الأزمات في الشرق الأوسط لإبقاء الشعوب تحت السيطرة. وعندما تُسأل أوروبا: “لماذا تقطعون الطاقة عن شعوبكم؟” يأتي الرد الساخر: “نحتاجها لتدفئة الديمقراطية!”، وكأن الديمقراطية تعمل على الغاز!
خسائر بمليارات… وحلول عبثية
بينما تنهار الاقتصادات الأوروبية في مشهد أشبه بجدار مهترئ تحاول الجرذان الهروب منه، تجلس الولايات المتحدة في الزاوية وتفرك يديها، معتقدة أنها ستستفيد من خراب الآخرين. لكن لا، فالخسائر لا تستثني أحدًا. عام 2024 كان بمثابة فخ كبير للجميع.
إسرائيل خسرت ما يقارب 50 مليار دولار في مغامراتها العسكرية، لتكتشف في النهاية أن الشعب الفلسطيني ما زال صامدًا. أوروبا غرقت في ديون لا تنتهي، واضطرت لتقليص ميزانيات التعليم والصحة لدفع فواتير الغاز الروسي (الذي أقسموا أنهم لن يشترونه مجددًا). وأمريكا؟ لا تسأل عن التضخم الذي جعل سعر كوب القهوة يصل إلى مستوى لم يكن يتخيله حتى أكثر الشعراء السوداويين!
إمبراطوريات من الورق المحترق
يا لها من نهاية مُهينة لإمبراطوريات تغنّت بالحرية والديمقراطية، بينما كانت تدوس على رقاب الشعوب لتعبئ جيوبها. عام 2024 كان كالكاميرا الخفية التي كشفت المستور. الغرب الذي بنى مجده على معاناة الآخرين يقف اليوم في طوابير الطاقة، متوسلًا لمصادر جديدة، لكنه لم يفهم الدرس بعد.
إنها كوميديا سوداء، لكنها تستحق أن تُروى للأجيال القادمة، لتعرف أن الغرب الذي أراد السيطرة على العالم انتهى به المطاف ينافس الآخرين على لقمة العيش. ولعلهم في المستقبل، عندما تُكتب هذه القصة في كتب التاريخ، سيجدون عنوانًا أكثر دقة: “نهاية زمن الجشع… حين سقطت الإمبراطوريات أمام مرآة الحقيقة”.